كــلمــة الســفيــرة رومـانـوسـكـي في مـجلـس الأعـمال الأمـريـكي- الـعـراقـي
كــلمــة ســفيــرة الــولايــات الــمتحــدة في الــعــراق ألـينـا رومـانـوسـكـي
خـلال نقاشات الـطاولـة المـستديـرة الافـتراضـية
مـع مـجلـس الأعـمال الأمـريـكي- الـعـراقـي
31 كـانـون الـثانـي، 2023
يسرّني اللقاء بأعضاء مجلس الأعمال الأمريكي- العراقي. أنتم تمثلون عدداً من أفضل الشركات في الولايات المتحدة والبعض منكم يعرف العراق حقّ المعرفة.
ابتداءً، اسمحوا لي أن أقدّم لحضراتكم لمحة موجزة عن الوضع الراهن لبعض الأمور ضمن العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والعراق. باختصار، نحن ملتزمون بالعلاقة على المدى الطويل. إذ يؤدي العراق دوراً مهماً واستراتيجياً في المنطقة. ونتشارك على نحوٍ وثيق مع العراق حكومةً وشعباً برغبتنا المتبادلة لرؤية عراق ديمقراطي ينعمُ بالسلام والاستقرار والأمن والسيادة.
إنّ تسهيل التجارة والاستثمار في العراق وبالتالي تعزيز نمو العراق يُعَد جزءاً مهما من عملنا. وفي الوقت الذي يواجه فيه مناخ الاستثمار في العراق تحدياته، بيدَ أن هنالك بعض الاتجاهات الإيجابية. تشير التقديرات إلى أن (60) بالمائة من السكان تقل أعمارهم عن (25) عاماً والشباب العراقي هو المورد الأكثر قيمة في العراق لبناء عراق مزدهر وشامل. الآن وبعد تشكيل حكومة جديدة بقيادة رئيس الوزراء السيّد السوداني، فإننا نعمل مع قادة العراق على جُملة من الأهداف المشتركة حيث تحتل القضايا الاقتصادية والتجارية مكانا بارزا ضمن برامجنا.
خلال اجتماعاتي مع المسؤولين العراقيين الجُدد، أكدّتُ على ضرورة استجابة الحكومة العراقية للمطالب المشروعة للشعب العراقي. كما أكدّتُ لرئيس الوزراء السيّد السوداني على استعدادنا للتعاون مع حكومته على جملة من المصالح المشتركة. وأظهرنا استعدادنا للعمل مع حكومة السيّد السوداني خلال الزيارة الأخيرة لمنسّق الأمن القومي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا السيّد (بريت ماكغورك) والمنسّق الرئاسي الخاص للبنية التحتية العالمية وأمن الطاقة السيّد (آموس هوشتاين) اللذين التقيا برئيس الوزراء السيّد السوداني ومسؤولين عراقيين آخرين في بغداد وأربيل خلال شهر كانون الثاني. وقد أوضح السيّد رئيس الوزراء بأن أهدافنا وأهدافه تتلاقى بشكل كبير.
نعملُ حالياً مع الحكومة العراقية على وضع اللمسات الأخيرة لاستكمال الخطط الخاصة بزيارة وفد يترأسه نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية السيّد فؤاد حسين إلى واشنطن في أوائل شهر شباط. ومن خلال التخطيط لزيارة الوفد وعلاقاتنا الثنائية اجمالاً، فإننا نُعزز من مستوى تركيزنا على قضايا من قبيل التعاون الاقتصادي وتغيّر المناخ.
يتطلع الشعب العراقي إلى حكومته لتوفير فرص اقتصادية أكبر ومن المهم أن تجعل حكومة السيّد السوداني أولوية لتعزيز النمو الاقتصادي المتنوّع. ومع وجود الحاجة إلى الإصلاح الاقتصادي والتنظيمي لإعادة التوازن إلى الاقتصاد من خلال تقليل اعتماده على النفط وللتعامل مع النقص المُزمن في إمدادات الطاقة الكهربائية ومعالجة تغيّر المناخ، فإننا ندعمُ وبشدة الجهود العراقية في هذه المجالات ونشجع بقوة الحكومة العراقية على الشراكة مع الشركات الأمريكية – بحُكمِ خبراتها وقدراتها وتجربتها الهائلة – في مواجهة تحديات الطاقة والبيئة تلك. ونعلمُ أن تعزيز مناخ الاستثمار يعدُ أمراً بالغ الأهمية لجذب الاستثمارات الأمريكية والأجنبية الأخرى في هذه المجالات ونحن على تواصل مع شركائنا العراقيين بشأن هذه القضية أيضا.
لا شك بأن الانغلاق الذي رافقَ تشكيل الحكومة بعد الانتخابات السابقة عرقل إجراءات الحكومة بخصوص الموازنة. إن حكومة السيّد السوداني الآن بصدد اعداد موازنة العام 2023 التي يمكن أن تفتح الأبواب لتحقيق التقدّم في مشاريع البنية التحتية والبرامج الحيوية الأخرى. تحمل تلك الميزانية إمكانية التقدّم بالإضافة إلى المخاطر.
فقد عزّز ارتفاع أسعار النفط خلال العام 2022 الإيرادات الحكومية – وهو تطور آخر يمكن أن يساعد في تقدّم العراق. ولكن، كما هو متوقع، تتعرض الحكومة للضغط لإضافة فرص عمل جديدة إلى القطاع العام المترهّل اصلاً. وفي حال لم تتوخ الحكومة الحذر، فقد يتسارع التضخم، مما يضع الاقتصاد على أرضية متزعزعة. ينبغي للحكومة أن تتصرف بحكمة في الترخيص للمشاريع الجديدة مع التعامل بحزم مع الفساد والسعي للسيطرة على مصروفات الرواتب. لقد رأينا بوادر إيجابية من حكومة السيّد السوداني على الصعيد الاقتصادي. فقد عملت الولايات المتحدة بشكل وثيق وعلى مدى سنوات مع البنك المركزي العراقي للحيلولة دون وصول المجرمين والفاسدين إلى النظام المصرفي الدولي ولجعل البنوك العراقية ممتثلة للمعايير الدولية. ومن خلال التنسيق مع البنك المركزي العراقي، أجرينا تغييرات تنظيمية من شأنها تحسين الشفافية في المعاملات المالية. إذ جرى التخطيط لهذه التغييرات لأكثر من عامين وليس لها صلة بالجدول الزمني لتشكيل الحكومة. وقد أسفرت هذه الإجراءات وغيرها من تدابير مكافحة الفساد على الفور عن نجاح الولايات المتحدة والبنك المركزي العراقي في الحد من قدرة الجهات المسيئة على إساءة استخدام النظام المصرفي العراقي لغسل الأموال. وعلى الرغم من الانتقادات الشديدة للحكومة ونظريات المؤامرة التي تزعم وجود دوافع أمريكية شريرة لموضوعة سعر صرف الدولار، فقد دعمت الحكومة الجديدة بقوة الإجراءات الجديدة للبنك المركزي العراقي، فضلاً عن محاولتها كبح جماح الجهات التي تقوم بتخزين الدولارات أو تتخذ تدابير أخرى لزيادة فروق أسعار العملة بشكل مصطنع في السوق غير الرسمية.
وفي ظل الحكومة الجديدة، شهدنا أقوى مستوى لمشتريات القمح الأمريكي التي شهدناها منذُ فترة. كما وافقت الحكومة على عقد للطاقة تم التفاوض عليه في ظل الحكومة السابقة مع احدى الشركات الأمريكية. علاوة على ذلك، وبعد ساعات فقط من بدء تداول مصادر محلية لأخبار صحفية أمريكية حول مقاهي ستاربكس غير المرخصة في بغداد، أصدر المتحدث باسم رئيس الوزراء بياناً شديداً يدين أعمال هذه المقاهي وتم اغلاق المقاهي غير المرخصة في غضون ساعات.
لا يزال البعض مُشككاً بالقطاع الخاص في العراق. بيدَ إنني أرى بوادر تبعث على الأمل. فالنظام البيئي لريادة الأعمال والابتكار في العراق ينمو بسرعة. حيث تقدّم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية الآن سلسلة متنوعة من برامج تطوير الأعمال التجارية لدعم هذا النظام البيئي. فمنذ العام 2020، تلقى ما يربو على (10,000) من رواد الأعمال خدمات دعم الأعمال التجارية من برامج الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، بما في ذلك دعم تأسيس مشاريعهم وإضفاء الطابع الرسمي عليها وتوسيع نطاقها على نحوٍ مستدام.
لقد شهدنا نمواً مُبهراً في قطاعي التكنولوجيا والتجارة الإلكترونية في العراق خلال موجة انتشار جائحة كورونا. واستجابة لذلك، نساعد الشركات العراقية على تقديم نفسها إلى أسواق الولايات المتحدة والأسواق الأخرى كفرص استثمارية مجدية. فمنذ العام 2021، حشّدت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية قرابة (41) مليون دولار من الاستثمارات لشركات محلية بمساهمات من رأس المال الاستثماري الأمريكي. نضطلعُ بإنجاز الكثير لدعم تطوير القطاع الخاص في العراق. فقد خصصت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية قرابة (2) مليون دولار للشراكة مع مراكز تطوير الأعمال التجارية – بضمنها منظمة (Five One Labs) و (المحطة) و (مخيم العلوم: (Science Camp و(موصل سبيس) – لبناء قدرات المرونة في القطاع الخاص، مع التركيز على زيادة الفرص للنساء والشباب وتوفير مهارات إدارة الأعمال والوصول إلى فرص التمويل. هذا العمل مستمر في جميع أنحاء العراق، بما في ذلك إقليم كردستان العراق.
على الرغم من التحديات الاقتصادية والسياسية التي يواجهها العراق، إلا أن الحكومة المشكلة حديثًا والتوقعات بتمرير الموازنة الجديدة وزيادة عائدات النفط والتقدّم في القطاع الخاص بالعراق تمثل تطورات إيجابية. إنني على ثقة من وجود فرص للشركات الأمريكية لتصدير المنتجات والخدمات إلى العراق. وعلى وجه التحديد، فقد حددّت السفارة قطاعات منح الامتيازات والزراعة والتعليم والطاقة المتجددة والرعاية الصحية والدفاع والطاقة باعتبارها مجالات ممكنة للتجارة والاستثمار للولايات المتحدة في العراق.
وبدعمٍ من قنصليتنا في أربيل، تنمو غرفة التجارة الأمريكية في كردستان وتتطور لتكون منظمة دعم فاعلة للإصلاح والنمو الشامل وتنويع الاقتصاد. بالإضافة إلى الخدمات التقليدية التي تقدمها الدائرة التجارية الأمريكية، أطلقت سفارتنا مبادرة جديدة لتعزيز المساعي التجارية بين الولايات المتحدة والعراق. ففي 15 تشرين الثاني، استضفنا أول منتدى ضمن سلسلة منتديات تحسين مناخ الأعمال التجارية في العراق، وضمَّ ممثلين عن الشركات الأمريكية والعراقية. وفي ذلك المنتدى الافتراضي، انحصرت نقاشاتنا على نظام الجمارك في العراق والعوائق التي يمثلها أمام التجارة. وتحدث ممثل مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) إلى المشاركين في المنتدى عن مشروع منظمته لأتمتة الإجراءات الجمركية في العراق. وينبغي أن يكون دعم هذا المشروع المعروف اختصاراً بـ (ASYCUDA) أحد أهداف مجتمع الأعمال وكذلك سفارة الولايات المتحدة والسفارات المماثلة في بغداد. المشروع لديه القدرة على إحداث ثورة في الاجراءات الجمركية وتقليل فرص الفساد وتسهيل التجارة مع تعزيز إيرادات الحكومة العراقية. سيواجه نظام الـ (ASYCUDA) مقاومة بالتأكيد عند طرحه. وعليه نخطط لتسخير هذه السلسلة من المنتديات لتطوير الدعم للتحسينات من قبيل أتمتة الاجراءات الجمركية.
إننا حريصون على مواجهة تحديات نمو القطاع الخاص في العراق، ولا سيّما فتح فرص التمويل للشركات الصغيرة والمتوسطة. ففي حزيران من العام المنصرم، دعت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية خبراء ماليين ومانحين ومسؤولين حكوميين وأصحاب مشاريع خاصة لبحث تأمين رأس المال للشركات المحلية وإنشاء أول منتدى للوصول إلى التمويل في العراق. وفي شهر آذار المقبل، ستنظّمُ الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مؤتمراً في أربيل لمتابعة تقديم الحلول والأساليب المُبتكرة بغية زيادة الإقراض للقطاع الخاص وتعزيز الشمول المالي.
لا أودُ تقديم صورة وردية مبالغٌ بها عن بيئة الأعمال التجارية في العراق. حيث تواجه الشركات الأمريكية التي تمارس اعمالها التجارية هنا تحديّات جمّة، كما يعرفها البعض جيداً. ونحنُ منخرطون في عدة أصعدة لدعم الشركات الأمريكية. بيدَ أنني أرى أن هناك تطورات إيجابية. وأؤكد لكم إننا وفريقي في السفارة على أهبّة الاستعداد لدعمكم.