كلمة السفيرة في معرض النفط والغاز العراقي
كــلمــةٌ لـلسفيـرة
الخطاب الرئيسي في معرض النفط والغاز العراقي
السبت الموافق لـ 18 شباط الساعة 10:45 صباحاً (فندق بابل روتانا)
دولة مصدرة للنفط إلى دولة ذات قطاعات خاصة نشطة، يكون فيها القطاع الخاص المحرك الرئيس للنمو الاقتصادي.
وبالإضافة إلى الاجتماعات مع وزير الخارجية السيد (بلينكن) وغيره من كبار المسؤولين الحكوميين، التقى وفد وزير الخارجية بغرفة التجارة الأمريكية وبقرابة (40) شركة أمريكية لدعوتهم لتأدية دور في التنمية الاقتصادية للعراق، ولاسيّما تنمية القطاع الخاص العراقي الناشئ. ولقد عُدتُ بعد هذه الزيارة، وأنا على ثقة بالعلاقة القوية والمتنامية بين العراق والولايات المتحدة ومتطلعة لفرص تعزيز النمو الحقيقي في المستقبل الاقتصادي للعراق.
وبُغية أن يحقق العراق هذا المستقبل المشرق، فحريّ بالعراق الاضطلاع بثلاثة أمور على الأقل ألا وهي: الاستثمار في البنية التحتية الأساسية ومكافحة الفساد وخلق بيئة أعمال مواتية للاستثمار الأجنبي المباشر. وأعني بذلك تشجيع الشركات الأجنبية على جلب رؤوس أموالها وخبراتها إلى العراق حيث تخلق هذه الاستثمارات فرص عمل وقيام الشركات بتدريب العراقيين على إدارة أعمالهم التجارية خاصتهم.
وليس ثمة مكان أفضل من قطاع الطاقة للتركيز على هذه الفرص، ولاسيّما شبكة الطاقة الكهربائية في البلاد وتطوير حقول النفط والغاز، ولاسيّما استثمار الغاز. إذ يستحوذ هذين المجالين على أكبر مصدر للدخل في العراق وأكبر معوقات للنمو الاقتصادي. فجميعنا يعلمُ أن الطلب على الكهرباء سينمو فحسب وثمة إمكانات واعدة للاستثمار والتحسين.
لقد تحدثّت مع وزير النفط ووزير الكهرباء ومستشار رئيس الوزراء الجديد للطاقة وجميعهم وضعوا رؤية لعصرنة قطاع الطاقة، وليس في قطاع النفط فحسب، بل من خلال استثمار الكميات الهائلة من الغاز في العراق وتسخيرها للمساعدة في تطوير قطاع الكهرباء لتلبية متطلبات الطاقة للاقتصاد المتنامي. تُشجّع إدارة الرئيس (بايدن) شركات الطاقة الأمريكية – العاملة في العراق والجديدة منها – على استكشاف الفرص في العراق حيث يمكنهم تقديم خبراتهم ذات المستوى العالمي والمساعدة في خلق فرص عمل للعراقيين. فقد وقعّت شركة (جنرال إلكتريك) ووزارة الكهرباء يوم الخميس مذكرة تفاهم لتطوير قطاع الطاقة في مجال الإنتاج والنقل والصيانة وتدريب الكوادر وتقليل انبعاثات الكربون. وهنالك بالتأكيد مساحة أكبر للشركات الأخرى.
إنّ تعزيز قطاع الطاقة في العراق سيتطلب استثمارات كبيرة. إذ سيتعيّن بناء محطات لاستثمار الغاز من خلال محطات طاقة جديدة لاستخدام الغاز الإضافي. كما يجب تطوير شبكة الكهرباء وتحديثها لضمان امكانية استخدام 50 في المئة من الطاقة المفقودة حالياً في النقل بسبب السرقة وسوء المعدات لرفد المنازل والشركات العراقية بالطاقة الكهربائية.
ولذا فأن البنية التحتية للطاقة هي مكان واضح للشروع بالاستثمار. إذ يمتلك العراق مورداً قيّماً ولديه المقدرة على الاستفادة ليس من خلال المواطنين العراقيين فحسب، ولكن من خلال الاقتصاد ايضاً – سيّما وأن نقص الكهرباء يُشكّلُ أحد أكبر القيود التي تواجه التصنيع والصناعات اليوم.
وفي مجال الغاز، يواجه العراق تحدياً وفرصة. إذ يُعدُ العراقُ أكبر باعث للغاز المُحترِق في العالم بعد روسيا. وهذا يسببّ مشاكل بيئية خطيرة. وعليه سيؤدي استثمار الغاز الذي يتم حرقه حالياً إلى تحسين مناخ العراق بشكلٍ كبير، مما سيُتيحُ للعراقيين استنشاق هواء أنظف وشرب ماء أنقى ومعاناة أقل من الأمراض المستعصية مثل السرطان.
بيدَ أن استثمار الغاز يمثل فرصة اقتصادية ايضاً. فقد خَلُصَت معظم التقييمات أنه إذا ما تم استخدام كمية الغاز المحترق في العراق اليوم في محطات توليد كهرباء جديدة، فسيتسنّى للعراق مضاعفة اجمالي إنتاجه من الكهرباء وسد النقص الحالي. ومن خلال استخدام الغاز المُستَثمَر لتشغيل المولدات الكهربائية، فسيتسنى للعراق أن يزيد من كمية الكهرباء المتاحة لشعبه زيادةً كبيرة – أي ما يصل إلى (3500) ميغا واط من الطاقة الكهربائية الإضافية أو زيادة بنسبة 25 في المائة لشبكة الكهرباء في البلاد عموماً.
ولتحقيق الاستفادة القصوى من تطوير قطاع الطاقة، يجب علينا أيضاً التعاطي مع التحدي المهم والمتمثل في الفساد. إذ يتعيّنُ على بيئة الأعمال اقناع الشركات الأجنبية بأن استثماراتها محمية وأن المناخ التنظيمي يمكن التنبؤ به ويتسّمُ بالشفافية والمصداقية. كما يجب على الشركات، ولاسيّما تلك التي ستتعامل مع الحكومة، أن تعلم أنها ستتقاضى مستحقاتها في الموعد. لسوء الحظ، كانت هذه مشكلة في الماضي.
أخيراً، على البيروقراطية ذاتها تحديث العقود والمشروعات ومعالجتها بكفاءة وتبسيط الإجراءات أمام الشركات الأجنبية والمحلية منها للقيام بأعمال تجارية هنا. عندما تقارن الشركات بين الفرص لممارسة الأعمال التجارية، فإنها ستختار وعلى نحوٍ شبه دائم تلك الفرص ذات المخاطر الأقل والسهولة الأكبر لممارسة الأعمال التجارية. ففي ظل الاقتصاد العالمي سريع الحركة اليوم، يمثل الوقت أهمية بالنسبة للمستثمرين الدوليين.
وعليه اسمحوا لي أن أختتم بالقول إن عصرنة قطاع الطاقة في العراق يعدُ أمراً أساسياً لقدرة العراق على أن يصبح دولة آمنة ومستقرة وذات سيادة يمكنها أن توفر لشعبها باستخدام مواردها الطبيعية الهائلة.
في واشنطن، أطلقت إدارة الرئيس (بايدن) مؤخراً رؤية جديدة وموسّعة للعراق تركّز على التنمية الاقتصادية. ونحن ملتزمون بالعمل مع حكومة السيد السوداني لخلق فرص جديدة تعزز المصالح الاقتصادية لبلدينا وللمنطقة. الشركات الأمريكية مستعدة للاستثمار والمشاركة في تحديث قطاع الطاقة في العراق لصالح سيادة العراق وبيئته والمساعدة في بناء مستقبل أكثر أمناً للشعب العراقي. ونحن مستمرون في هذا الحديث مع رئيس الوزراء السيد السوداني وفريقه في مؤتمر (ميونيخ) للأمن. نتطلع قُدُماً للعمل مع الحكومة العراقية والقطاع الخاص (بما في ذلك الشركات الغربية الأخرى) ومع الشعب العراقي بشكلٍ مباشر من أجلِ تحقيق ذلك.
شكراً لكم.